سورة النبأ - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النبأ)


        


قوله تعالى {عَمَّ يتساءَلونَ عن النبإ العَظيمِ} يعني عن أي شيء يتساءل المشركون؟ لأن قريشاً حيث بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت تجادل وتَختصم في الذي دعا إليه.
وفي {النبأ العظيم} أربعة أقاويل:
أحدها: القرآن، قاله مجاهد.
الثاني: يوم القيامة، قاله ابن زيد.
الثالث: البعث بعد الموت، قاله قتادة.
الرابع: عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
{الذي هُمْ فيه مُختَلِفَونَ} هو البعث، فأما الموت فلم يختلفوا فيه، وفيه قولان:
أحدهما: أنه اختلف فيه المشركون من بين مصدق منهم ومكذب، قاله قتادة.
الثاني: اختلف فيه المسلمون والمشركون، فصدّق به المسلمون وكذّب به المشركون، قاله يحيى بن سلام.
{كَلاَّ سيعْلَمون ثم كلا سيعلمون} فيه قولان:
أحدهما: أنه وعيد بعد وعيد للكفار، قاله الحسن، فالأول: كلا سيعلمون ما ينالهم من العذاب في القيامة، والثاني: كلا سيعلمون ما ينالهم من العذاب في جهنم.
القول الثاني: أن الأول للكفار فيما ينالهم من العذاب في النار، والثاني للمؤمنين فيما ينالهم من الثواب في الجنة، قاله الضحاك.
{وجَعَلْنا نَوْمَكم سُباتاً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: نعاساً، قاله السدي.
الثاني: سكناً، قاله قتادة.
الثالث: راحة ودعة، ولذلك سمي يوم السبت سبتاً لأنه يوم راحة ودعة، قال أبو جعفر الطبري: يقال سبت الرجل إذا استراح.
الرابع: سُباتا أي قطعاً لأعمالهم، لأن أصل السبات القطع ومنه قولهم سبت الرجل شعره إذا قطعه، قال الأنباري: وسمي يوم السبت لانقطاع الأعمال فيه.
ويحتمل خامساً: أن السبات ما قرت فيه الحواس حتى لم تدرك بها الحس.
{وجَعَلْنا اللّيلَ لِباساً} فيه وجهان:
أحدهما: سكناً، قاله سعيد بن جبير والسدي.
الثاني: غطاء، لأنه يغطي سواده كما يغطى الثوب لابسه، قاله أبو جعفر الطبري.
{وجَعَلنا النهارَ مَعاشاً} يعني وقت اكتساب، وهو معاش لأنه يعاش فيه.
ويحتمل ثانياً: أنه زمان العيش واللذة.
{وجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً} يعني بالسراج الشمس، وفي الوهّاج أربعة أقاويل:
أحدها: المنير، قاله ابن عباس.
الثاني: المتلألئ، قاله مجاهد.
الثالث: أنه من وهج الحر، قاله الحسن.
الرابع: أنه الوقّاد، الذي يجمع بين الضياء والجمال.
{وأَنْزَلْنا من المُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ان المعصرات الرياح، قاله ابن عباس وعكرمة، قال زيد بن أسلم هي الجنوب.
الثاني: أنها السحاب، قاله سفيان والربيع.
الثالث: أن المعصرات السماء، قاله الحسن وقتادة.
وفي الثجاج قولان:
أحدهما: الكثير قاله ابن زيد.
الثاني: المنصبّ، قاله ابن عباس، وقال عبيد بن الأبرص:
فثجّ أعلاه ثم ارتج أسفلُه *** وضاق ذَرْعاً بحمل الماء مُنْصاحِ
{لنُخرج به حبّاً ونَباتاً} فيه قولان:
أحدهما: ان الحب ما كان في كمام الزرع الذي يحصد، والنبات: الكلأ الذي يرعى، وهذا معنى قول الضحاك.
الثاني: أن الحب اللؤلؤ، والنبات: العشب، قال عكرمة: ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبتت في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة.
ويحتمل ثالثاً: أن الحب ما بذره الآدميّون، والنبات ما لم يبذروه.
{وجنّاتٍ أَلْفافاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها الزرع المجتمع بعضه إلى جنب بعض، قاله عكرمة.
الثاني: أنه الشجرالملتف بالثمر، قاله السدي.
الثالث: أنها ذات الألوان، قاله الكلبي.
ويحتمل رابعاً: أنها التي يلف الزرع أرضها والشجر أعاليها، فيجتمع فيها الزرع والشجر ملتفات.


{إنّ يومَ الفصلِ} يعني يوم القيامة، سمي بذلك لأنه يفصل فيه الحكم بين الأولين والآخرين والمثابين والمعاقبين.
{كانَ مِيقاتاً} فيه وجهان:
أحدهما: ميعاداً للإجتماع.
والثاني: وقتاً للثواب والعقاب.
{وسُيِّرتِ الجبالُ فكانتْ سَراباً} فيه وجهان:
أحدهما: سُيّرت أي أزيلت عن مواضعها.
الثاني: نسفت من أصولها.
{فكانت سراباً} فيه وجهان:
أحدهما: فكانت هباءً.
الثاني: كالسراب لا يحصل منه شيء كالذي يرى السراب يظنه ماء وليس بماء.
{إنّ جهنّمَ كانت مِرْصاداً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني أنها راصدة فجازتهم بأعمالهم، قاله أبو سنان.
الثاني: أن على النار رصداً، لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يجئ بجواز لم يجز، قاله الحسن.
الثالث: أن المرصاد وعيد أوعد الله به الكفار، قاله قتادة.
{للطّاغينَ مَآباً} فيه قولان:
أحدهما: مرجعاً ومنقلباً، قاله السدي.
الثاني: مأولى ومنزلاً، قاله قتادة.
والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر أو في دنياه بالظلم.
{لابِثينَ فيها أَحْقاباً} يعني كلما مضى حقب جاء حقب وكذلك إلى الأبد واختلفوا في مدة الحقب على سبعة أقاويل:
أحدها: ثمانون سنة، قاله أبو هريرة.
الثاني: أربعون سنة، قاله ابن عمر.
الثالث: سبعون سنة، قاله السدي.
الرابع: أنه ألف شهر، رواه أبو أمامة مرفوعاً.
الخامس: ثلاثمائة سنة، قاله بشير بن كعب.
السادس: سبعون ألف سنة، قاله الحسن.
السابع: أنه دهر طويل غير محدود، قاله قطرب.
وفي تعليق لبثهم بالأحقاب قولان:
أحدهما: أنه على وجه التكثير، كلما مضت أحقاب جاءَت بعدها أحقاب، وليس ذلك بحد لخلودهم في النار.
الثاني: أن ذلك حد لعذابهم بالحميم والغسّاق، فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب.
{لا يَذُوقونَ فيها بَرداً ولا شَراباً} في البرد ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه برد الماء، وبرد الهواء، وهو قول كثير من المفسرين.
الثاني: أنه الراحة، قاله قتادة.
الثالث: أنه النوم، قاله مجاهد والسدي وأبو عبيدة.
وأنشد قول الكندي:
بَرَدَتْ مَراشِفُها علىَّ فَصَدَّني *** عنها وعن تَقْبيلِها البَرْدُ
يعني النوم.
والشراب ها هنا: العذاب.
ويحتمل أن يريد بالشراب الري، لأن الشراب يروي وهم فيها عطاش أبداً.
{إلاّ حَميماً وغَسّاقاً} أما الحميم ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الحارّ الذي يحرق، قاله ابن عباس.
الثاني: دموع أعينهم في النار تجتمع في حياض في النار فيُسقونْه، قاله ابن زيد.
الثالث: أنه نوع من الشراب لأهل النار، قاله السدي. وأما الغسّاق ففيه أربعة أقاويل:
أحدهاك أنه القيح الغليظ، قاله ابن عمر.
الثاني: أنه الزمهرير البارد الذي يحرق من برده، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه صديد أهل النار، قاله قتادة.
الرابع: أنه المنتن باللغة الطحاوية، قاله ابن زيد.
{جزاءً وِفاقاً} وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاء سوءَ العمل.
{إنهم كانوا لا يَرْجُونَ حِساباً} فيه وجهان:
أحدهما: لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً، قاله ابن عباس.
الثاني: لا يخافون وعيد الله بحسابهم ومجازاتهم، وهذا معنى قول قتادة.
{وكذّبوا بآياتِنا كِذّاباً} يعني بآيات القرآن، وفي {كِذّاباً} وجهان:
أحدهما: أنه الكذب الكثير.
الثاني: تكذيب بعضهم لبعض، ومنه قول الشاعر:
فَصَدَقْتُها وَكَذَبْتُها *** والمرءُ يَنْفعُهُ كِذابُهْ
وهي لغة يمانية.


{إنّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} فيه وجهان:
أحدهما: نجاة من شرها، قاله ابن عباس.
الثاني: فازوا بأن نجوا من النار بالجنة، ومن العذاب بالرحمة، قاله قتادة، وتحقيق هذا التأويل أنه الخلاص من الهلاك، ولذلك قيل للفلاة إذا قل ماؤها مفازة تفاؤلاً بالخلاص منها.
{وكَواعِبَ أَتْراباً} في الكواعب قولان:
أحدهما: النواهد، قاله ابن عباس.
الثاني: العذارى، قاله الضحاك، ومنه قول قيس بن عاصم:
وكم مِن حَصانٍ قد حَويْنا كريمةٍ *** ومِن كاعبٍ لم تَدْرِ ما البؤسُ مُعْصر
وفي الاتراب أربعة أقاويل:
أحدها: الأقران، قاله ابن عباس.
الثاني: الأمثال، قاله مجاهد.
الثالث: المتصافيات، قاله عكرمة.
الرابع: المتآخيات، قاله السدي.
{وكأساً دِهاقاً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: مملوءة، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
أتانا عامرٌ يَبْغي قِرانا *** فأَتْرَعنا له كأساً دِهاقاً
الثاني: متتابعة يتبع بعضها بعضاً، قاله عكرمة.
الثالث: صافية، رواه عمر بن عطاء، قال الشاعر:
لأنْتِ آلى الفؤادِ أَحَبُّ قُرْباً *** مِن الصّادي إلى كأسٍ دِهَاقِ.
{لا يَسْمعونَ فيها لَغْواً ولا كِذّاباً} في اللغو ها هنا أربعة أقاويل:
أحدها الباطل، قاله ابن عباس.
الثاني: الحلف عند شربها، قاله السدي.
الثالث: الشتم، قاله مجاهد.
الرابع: المعصية، قاله الحسن.
وفي {كِذّاباً} ثلاثة أقاويل:
أحدهاك لا يكذب بعضهم بعضاً، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: أنه الخصومة، قاله الحسن.
الثالث: أنه المأثم، قاله قتادة.
وفي قوله {لا يَسْمَعونَ فيها} وجهان:
أحدهما: في الجنة، قاله مجاهد.
الثاني: في شرب الخمر، قاله يحيى بن سلام.
{جزاءً من ربكَ عَطاءً حِساباً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: كافياً، قاله الكلبي.
الثاني: كثيراً، قاله قتادة.
الثالث: حساباً لما عملوا، فالحساب بمعنى العد.

1 | 2